ما من شك أن القصة القصيرة المغربية تتبوأ الآن مكانة بارزة في المشهد الابداعي المغربي، فالدينامية التي عرفتها منذ بداية التسعينيات وأعطت تجارب متميزة نحتت خصوصية معمارية متميزة للقصة المغربية لكن هذا المجد لم يأت من فراغ فينبغي أن ننحني بمحبة إلى أساتذتنا الأجلاء : عبدالكريم غلاب، مبارك ربيع، محمد برادة، محمد بيدي، أحمد بوزفور، محمد شكري، محمد زفزاف، مصطفى المسناوي، محمد صوف،محمد الدغمومي، مبارك الدريبي، عبد الرحيم المودن، أبويوسف طه... وغيرهم. بعض القصاصين يدعون أن لا علاقة لهم بهؤلاء الأدباء وأن القطيعة هي شريعتهم في الكتابة والابداع. لكن دعونا نتأمل المحيط السوسيوثقافي والسياسي الذي انوجد فيه منجزهم القصصي، ألم يعيشوا حقيقة تعاسة ثقافية وسياسية ؟ والشرق وحده قبلتهم إلا ما ندر من ترجمات، وإذا قاربت إبداعهم تجد أن بعضهم كتب تحت جلباب هذه المصادر المشرقية وبعضهم خرج من عنق الزجاجة، ليصنع لنفسه خصوصية معينة وأعتقد أن القصة المغربية لم تنقدها إلا التعددية الثقافية المحلية. صحيح أن الابداع ينمو ويتطور بحكم الصيرورة الاجتماعية والثقافية ومنافذ التأثير والتأثر التي تدفع تياراتها الثقافية بقوة هوائية أحيانا لا تحتمل وقد تتثقل كاهل القصة فتقسم ظهرها كما حدث لبعض التجارب القصصية. وأنتم أيها القصاصون الشباب كم أنتم محظوظون بهذا الصبيب اللامتناهي الذي أصبح في المتناول من لغاته الأصلية أو في ترجمات عربية، ومن شبكة الأنترنيت الثرية بالمعلومات والثقافة والابداع. لكنكم تعساء بسبب هذا الخليط الذي يمطركم ويشوش رؤيتكم للغة والموضوعات والتقنية السردية. تشويش عارم وكأنك تدخل دغلا دون بوصلة أو تبحر دونما اسطرلاب. لهذا نجد نصوصكم تريد أن تقول أكثر مما ينبغي لها أن تقول وتتسع جرابا يحتوي كل شيء وكأنها أفعى الأمير الصغير. أنا هنا لا أفرض وصاية على أحد أكتبوا كيفما تريدون وبالطريقة التي تريدون لكن لا تفرطوا في ما يجمع السلف بالخلف والماضي والحاضر وما جعل نصوصا كملاحم الصينيين والعراقيين والمصريين واليونانيين وقصص الكتب المقدسة والمدنسة في كل اللغات أن عاشت و تعيش وتتعايش في سحر واحد يأسر القارئ ويجره من حواسه لتتبع الحكاية دونما ملل أو كلل بل بحب واستمتاع وتماهي. هي الحكاية، أيها الصديق، التي تتغلغل في العقل والوجدان وتدفع بعض المميزين في مجتمعنا المغربي المعاصر أن يكتبوا خربشاتهم ثم خواطرهم، ثم حكاياتهم في تعلم دؤوب يغرف من كتابات الآخرين محولا مولدا مخترقا منددا صانعا أسلوبه القصصي المتحول بدوره من مستوى إلى مستوى ومن مرحلة إلى أخرى وكأنه يكتشف كنزه الابداعي في مغارة لا يعرف طريقها غيره، يتكتم على مسالكها ومصادرها محاذرا أن لا يعود من كنزه بنفس الغنيمة. تلك سيرة الكتابة القصصية التي بدأت بآبائنا وأساتذتنا من النصوص والكتاب الذين تركوا آثارهم بصمات خالدة في حروفنا وأفعالنا وأسمائنا. ستتوالد نفس التجربة لنصير نحن وأنتم أباء وأسلاف لمن سيأتي بعدنا وسيغدو ما نكتبه وندعي جدته وتجريبيته وتدميره للأنساق السائدة والمفاهيم المعتادة تجربة سلف لن يتبقى منها سوى ذلك العمق الجمالي والإنساني الخالد. أيها الصديق، ماذا سأقول عن مجموعتك الأولى: عندما يطير الفلاسفة. فهي تقول نفسها وتقدم نفسها كتجربة قصصية متميزة منفتحة على التراثي العربي والعالمي الحداثي. هناك تجاور خلاب بين بورخيس وغونتر غراس وريشارد شتراوس وبارتوك وبتهوفن ودافنشي ودولوز وابن عربي وابن رشد. كيتش قصصي حقيقي يجاور ما لا يجاور بين السرد والموسيقى والرسم والفلسفة. هل قصصك بداية جديدة لقصة جديدة ؟ نسميها قصة الكيتش تتطلع إلى ما هو ما بعد حداثي مستفيدة من ثغرات التقليدية والتحديثية والتجريبية محافظة على الملمح الحكائي لكن بمعمار كيتشي يوظف البقايا من صور وقائع وأفكار وأشياء. نفايات العالم تتحول في مسوخها واستلابها واغترابها إلى صرح جمالي طوباوي طبعا، يحلم بأن الواقع الملغوم بالاحباط، ليس موطنا للانتحار، بل مشتلا للأفكار والاختلاف البناء والابداع والأمل. أتمنى أن تفضي حالة الصراع على القيم التي نعيشها إلى تشييد أنماط فنية وإبداعية جديدة تغني صيرورة الجمال المغربي. مقدمة مجموعة القاص محمد أيت حنا القصصية الصادرة مؤخرا عن منشورات أجراس للابداع والحرية.
نافذة على الكتاب الجيد
النشرة الثانية
مجازفات شعيب حليفي
مغامرات الروائي والباحث شعيب حليفي جريئة وجميلة لأنها تضيء في أغلب كتاباته السردية منذ "مساء الشوق" وصولا إلى روايته الأخيرة " مجازفات البيزنطي" بقعا منسية من التاريخ المغربي القديم والحديث ومن هنا تكمن أهمية تجربته الروائية فهو لا يكف عن إماطة اللثام عن وقائع وأحداث تاريخية يستعيدها بإرثه الشفاهي المميز حقيقة لأن صوت سراده تحفهم البداوة وتعبق ملابسهم برائحة التراب. شخوص منسية تحت سماء السرد المغربي.
إن العمق الجوهري الذي تنطلق منه رواية مجازفات البيزنطي وهي محاولة جمع ما لا يجمع و سرد ما لا يسرد ومشهدة تحت بقعة ضوء ما هو مهمل ومهمش.
الحكاية في الرواية حكايات لكل من عمر العيار والعيساوي وأحمد العباوي وسعيد الطالبي ثم حكايات صغرى لشخوص أخرى تظهر في سياق السرد لترقع فراغ الحياة بما لديها من تجارب تعيشها كما هي بمآسيها وكوارثها بقهرها وسعادتها إن توفرت.
وكما يقول السارد في مفتتح سرده أنهم " جميعهم يقتصون من متاهة النهار ثلثا ظنيا وأطرافا غير متساوية من الليل للدخول إلى بيزنطة – المقهى – يبحثون عن ربط وجودهم بيقين الحياة، في تناوب فادح على الحكي ص 5 "
يقف فضاء مقهى بيزنطة في معادلة موحية مع فضاء الحلقة بل إن التجاور بينهما تتخلله استدعاءات سردية للشخوص وعوالمها الخرافية خاصة داخل فضاء البادية المعادل السردي الأكثر تكثيفا وشعرية.
السياق العام للرواية تاريخي ومتخيل هناك تداخل بين الروايات الأربع ، بين حكايات الشخصيات، بين فضاء المدينة وفضاء البادية، بين السرد الشفهي والسرد المكتوب، بين التعاسة والسعادة، بين طقوس الكتابة وطقوس الحياة.
مفارقات وتناقضات الحياة المأسورة بين الرغبة وعوائقها المضطَهـِدة للحرية والابداع.
متعة حكائية وخبرة ذهنية تستحق أكثر من قراءة وتأويل.
سعيد بوكرامي/ الصالون الأدبي
مجازفات البيزنطي: شعيب حليفي منشورات القلم المغربي. الدارالبيضاء 2006
شعار منشورات أجراس
القصة تتألق بين أحضان التلاميذ
في إطار أسبوعها الثقافي نظمت الثانوية الإعدادية مولاي سليمان جلسة قصصية خضرها الأدباء محمد صوف المهدي لعرج مصطفى لغتيري وسعيد بوكرامي.. بعد كلمة ترحيبية بالضيوف ، تناوب الكتاب الضيوف على إلقاء قصصهم ، فقرأ المهدي لعرج قصة "القرعة " و محمد صوف قصة "الجلباب " ، ثم قرأ مصطفى لغتيري قصة "الفرح الجديد" في حين ألقى سعيد بوكرامي قصة" الرسالة"، وبعد ذلك مباشرة ،انخرط الكتاب وتلاميذ المدرسة في حوار حميمي مفتوح على جميع المواضيع ، فجاءت الأسئلة عفوية حريصة على معرفة تفاصيل العملية الإبداعية ، وبعض خصوصيات الكتاب وظروف الكتابة القصصية ، ومدى ارتباطها بالواقع ، وما نصيب الخيال فيها ، وعن بدايات الولع بالكتابة مطالبين الكتاب بنصائح لمن يرغب في خوض تجربة الكتابة ، فاتفق الجميع على أن المفتاح السحري للكتابة هو القراءة ، بل والقراءة النهمة لكل ما يصادفه المرء في طريقه من كتب ، وأن الخيال رأسمال الكاتب، فالقارئ ليس مطالبا بتصديق القصة وكأنها صورة طبق الأصل للواقع فالقصة- حسب تشيخوف- " كذبة متفق عليها ضمنيا ما بين الكاتب والقارئ" ، وقد اختتم هذا اللقاء الذي أشرف عليه مدير الثانوية الإعدادية مولاي سليمان ، وحضره الكاتب عبدالمجيد شكير بحفل توقيع للمجاميع القصصية للكتاب المشاركين في اللقاء ، ،
الأدباء المشاركون من اليمين: محمد صوف، سعيد بوكرامي،المهدي لعرج، مصطفى لغتيري
لقاء القصة القصيرة في الثانوية الإعدادية مولاي سليمان
أرض اليمبوس رواية جديدة للكاتب الأردني إلياس فركوح
في حلة جميلة صدرت رواية حديدة للقاص والروائي الأردني إلياس فركوح عنونها بأرض اليمبوس، وقد صدرت عن منشورات أزمنةفي مائتي وثلاث وثلاثين صفحة صدر الروائي عمله بالتحذير التالي : جميع الشخصيات الكاتبة للرواية لا تتطابق أو تمثل من يشلبهها في الواقع، ملامح وأسماء، علما بأن جنوحات الحياة أشد غرابة من أجنحة الخيال- وهل ثمة ما يفصل بين هذه وذاك؟
ويعرف الكلمة المفتاح في الرواية/ اليمبوس أي المطهر بأنهاالمنطقة الوسط - بحسب المفهوم الكاثوليكي- أو الثالثة ما بين الجنة والجحيم، تودع فيها أرواح الأطفال الأبرياء الذين ماتوا قبل نيلهم المعمودية، لتزول عنهم الخطيئة الأصلية ) خطيئة عصيان آدم وحواء لأمر الرب بعدم الأكل من شجرة التفاح)، ضمن الإيمان المسيحي. وكذلك، هي المنطقة حيث تعيش أرواح البررة من غير المؤمنين والخيرين الذين نشأوا في أزمنة الكفر إنما لا ذنب لهم لعدم إذراكهم رسالة المسيح.
أفرد دانتي لليمبوس جزءا كبيرا في عمله الأشهر" الكوميديا الالهية" كما عمل بورخيس على رسم خريطة لها بوحي من توصيف دانتي، ضمن محاضرات ألقاها.
يقسم الروائي عمله إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول بعنوان السفينة والثاني الأسماء والثالث
اليمبوس
رواية ملحمية لاكتشاف أعماق الانسان في بحثه الدؤوب عن المعرفة والسكينة الروحية عن الوجود وخفاياه الصادمة. تحتاج هذه الرواية أكثر من قراءة وتأمل وتأويل بل إنها تدخل بتجربة المبدع إلياس فركوح مرحلة من الكتابة تدل على عمق ونضج كبير في بناء الجملة السردية وتشييد الحكاية انطلاقا من استلهام مرجعية كونية.
نقرأ على غلاف الرواية : لن تتخلص من كومة الأسئلة، مثلما لن أتخلص منها بدوري. غير أن سؤالا يلح علينا ولن نعثر على جواب له. لن تكتمل الاجابة لأنه، وكما قال الأب، لاشيءيكتمل. سنبقى نقبض على شيء في يد، وعلى خواء في الثانية. أما نحن ففي الوسط. لسنا هنا ولسنا هناك. لسنا في الجنة، ولسنا في الجحيم. أفي أرض الحرام نحن؟ أفي مطهر اليمبوس سنبقى نراوح حائرين؟ والحيرة متاهة أنت تعرف أن الحيرة إحدى متاهات بورخيس الحاث والداعيلنا على التذكر. علينا أن نتذكر كي لا نقضي تحت وطأة كل ماجرى.
رواية المنطاد لمحمد طالبي
رواية المنطاد لمحمد طالبي
رواية جديدة عن منشورات أجراس للإبداع والحرية
رواية المنطاد للكاتب محمد طالبيصدرت عن منشورات أجراس بالدارالبيضاء رواية جديدة للكاتب محمد طالبي وهي في مائة واربعة صفحة من القطع المتوسط تتكون من ستين مقطعا سرديا.يقدم محمد طالبي في هذه الرواية الممتعة لوحة سوريالية بصيغة المؤنثبطلاتها ثلاث نساء يدخلن في حوار مباشر وداخلي عن هواجسهن الصغيرة والكبيرة وبإحساس مفعم بالحياة واليأس معارضة شاملة واستعارة كونية لما يحدث في العالم اليوم. أحداث جسام نعيشها يوميا وتمطرنا كوارث حرب تحدث بفظاعة وفي كل مكان. كيف سيكون منطق نساء بين أحضان كارثة حرب، لن يكون إلا منطق جنون وتداع واستيهامات، قد تبدو بلا منطق سردي هذه التفاصيل لكنها تعكس أعماق الانسانية المشوهة في كينونتها وانسانيتها. رواية جميلة ومدوخة وزاخرة بمعجم لغوي سيغني السرد المغربي والعربي على حد سواء.
نافذة على الكتاب الجيد
مجازفات شعيب حليفي
مغامرات الروائي والباحث شعيب حليفي جريئة وجميلة لأنها تضيء في أغلب كتاباته السردية منذ "مساء الشوق" وصولا إلى روايته الأخيرة " مجازفات البيزنطي" بقعا منسية من التاريخ المغربي القديم والحديث ومن هنا تكن أهمية تجربته الروائية فهو لا يكف عن إماطة اللثام عن وقائع وأحداث تاريخية يستعيدها بإرثه الشفاهي المميز حقيقة لأن صوت سراده تحفهم البداوة وتعبق ملابسهم برائحة التراب. شخوص منسية تحت سماء السرد المغربي.
إن العمق الجوهري الذي تنطلق منه رواية مجازفات البيزنطي وهي محاولة جمع ما لا يجمع و سرد ما لا يسرد ومشهدة تحت بقعة ضوء ما هو مهمل ومهمش.
الحكاية في الرواية حكايات لكل من عمر العيار والعيساوي وأحمد العباوي وسعيد الطالبي ثم حكايات صغرى لشخوص أخرى تظهر في سياق السرد لترقع فراغ الحياة بما لديها من تجارب تعيشها كما هي بمآسيها وكوارثها بقهرها وسعادتها إن توفرت.
وكما يقول السارد في مفتتح سرده أنهم " جميعهم يقتصون من متاهة النهار ثلثا ظنيا وأطرافا غير متساوية من الليل للدخول إلى بيزنطة – المقهى – يبحثون عن ربط وجودهم بيقين الحياة، في تناوب فادح على الحكي ص 5 "
يقف فضاء مقهى بيزنطة في معادلة موحية مع فضاء الحلقة بل إن التجاور بينهما تتخلله استدعاءات سردية للشخوص وعوالمها الخرافية خاصة داخل فضاء البادية المعادل السردي الأكثر تكثيفا وشعرية.
السياق العام للرواية تاريخي ومتخيل هناك تداخل بين الروايات الأربع ، بين حكايات الشخصيات، بين فضاء المدينة وفضاء البادية، بين السرد الشفهي والسرد المكتوب، بين التعاسة والسعادة، بين طقوس الكتابة وطقوس الحياة.
مفارقات وتناقضات الحياة المأسورة بين الرغبة وعوائقها المضطَهـِدة للحرية والابداع.
متعة حكائية وخبرة ذهنية تستحق أكثر من قراءة وتأويل.
سعيد بوكرامي/ الصالون الأدبي
مجازفات البيزنطي: شعيب حليفي منشورات القلم المغربي. الدارالبيضاء 2006
سيرة الكاتب
سيرة الكاتب
سعيد بوكرامي
عضو اتحاد كتاب المغرب.
يشرف على منشورات (أجراس).
له إبداعات قصصية ودراسات نقدية.
أصدر لحد الآن:
(تقشير البطل) م قصصية 1996 عن دار الرابطة الدارالبيضاء.
(الهنيهة الفقيرة) م قصصية 2002 عن منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب.
(تلقي القصة القصيرة) دراسات نقدية مؤلف مشترك عن منشورات البحث في القصة القصيرة 2002
(ضوء على الأرخبيل) دراسات نقدية مؤلف مشترك عن منشورات البحث في القصة القصيرة 2004
(ندف النار) مؤلف مشترك قصص بالعربية والإسبانية 2003
(مختارات من القصة المغربية الحديثة) مؤلف مشترك منشورات آفاق الكتابة القاهرة. ط1 وط2
(أنطلوجيا القصة المغربية ) منشورات وزارة الثقافة المغربية الرباط 2005
في ضيافة هنري ميللر: سيرة حوارية لهنري ميللر. تأليف بسكال فريبوس ترجمة سعيد بوكرامي 2006 دار أزمنة الأردن.
هواء خرائبي: مجموعة قصصية دار أزمنة الأردن 2007.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire